لن يدهشني بأقل درجة أن يصدر تصريح عن مسؤول كبير يقول إن البرازيل دولة إرهابية لأن لديها فائضاً من البن ترميه إلى البحر، أو فرنسا دولة إرهابية لوفرة إنتاجها من الدجاج وأدوات الزينة ومساحيق التجميل، وإنجلترا إرهابية لعدد رؤوس الأبقار فيها، وأسبانيا لدخلها الخرافي من السياحة، ومصر لانتاج القمح الهائل حتى وان كان لا يكفيها.. ولن يدهشني أيضا أن تكون تلك التصريحات غير قابلة للرفض أو النقض أو الاحتجاج، فالقاعدة الأولى التي لا خروج عليها في «النظام العالمي الجديد» الساعي إلى إرساء الديموقراطية في كل بلاد الدنيا تقول: لك كل الحق في أن تسمع ، وليس لك أقل الحق للكلام إلا بكلمة واحدة، «نعم» الدالة على الموافقة والإقرار والتسليم.
في عصر جديد كعصرنا – عصر السيليكون - أنجز الإنسان ما كانت تعجز عن تخيله أشد العقول جموحا في الخيال باكتشاف السيليكون ( الرمل ) وتحويله إلى أشباه الموصلات ليقود إلى أقمار اصطناعية ربطت الأرض بالسماء ووجهت الصواريخ من القارة إلى القارة، وملأت الفضاء بمحطات التليفزيون، وسهلت الاتصالات وطورت أجهزت التجسس والتنصت والاعتداء على الخصوصيات وأجهزة الحاسب وأجهزة قيادة الطائرات التي ألغت الطيار الإنسان وحولته إلى دمية أمام المقود، وأجهزة التحكم التي ألحقت بكل آلة أو ماكينة أو نشاط، من التحكم الآلي في الطباعة إلى الإنتاج إلى المفاعل النووية .. كلها – وغيرها بالآلاف - بلا شك قد استهدفت راحة الإنسان ورفاهيته.. أو هكذا يبدو الأمر.
في عصرنا الجديد قاربنا أن نمسك بحلم «اليوتوبيا»، وانما لكي لا تسود الفوضى وسوء استخدام هذه الأدوات لابد من « نظام عالمي جديد» يحدد القواعد والأصول لكل المستفيدين من تكنولوجيا العصر، نظام يرى أن «الديموقراطية» المساوية بين الناس جميعا هي الضمان الوحيد لصيانة منجزات العصر، وطبيعي في ظل هذا النظام أن يكون هناك «الراعي» الساهر، و«المرعي» النازع غالبا إلى كسر القاعدة.
هذه أطروحة معقولة جدا إلى هذا الحد، لولا أن الذي نصب نفسه راعيا للعالم لا يعرف التعامل إلا بمنطق الذئب والحمل، وعلى خطاه تمضي حاشيته ومريدوه، لا يتوقف لحظة عن حك رأسه بحثا عن ادعاء كاذب يدين به حملا مرعيا ليس له ذنب إلا أنه أراد أن يشرب.
يرى الراعي مثلا أن العراق مخزون بترولي هائل لا بد من الاستيلاء عليه، يحك رأسه بحثا عن الذريعة، لتكن أسلحة الدمار الشامل، وعند التجربة تبين أن أسلحة الدمار الشامل لدى العراق لم تسقط طائرة واحدة، وأن أسلحة الراعي أبسطها يلحق دماراً شاملاً للإنسان والأرض فلا تعود الذريعة مقنعة، ومن ثم يلجأ لذريعة أخرى: الحكم في العراق ديكتاتوري ونحن رعاة الديموقراطية، أعدم الدكتاتور ولم يرحل الراعي، ومن ثم يبحث عن ذريعة ثالثة فيجدها في حركات المقاومة، انهم إرهابيين أعداء للديموقراطية، فيملأ السجون والمعتقلات والمقابر وباطن الرمال وقارعة الطريق من ضحايا جاء الراعي أصلا ليبشرهم بالديموقراطية فماتوا قبل أن يشهدوها.
ربما نكون قد أخطأنا في فهم مصطلح الديموقراطية فأخذناه بحرفيته المعجمية، بينما قصد بها النظام الجديد المساواة في خدمة مصالح الراعي، فالذريعة المعدة سلفا ودائما لدى الراعي – وذيوله - أن الفائض جريمة لأنه ضد الديموقراطية، وبالتالي المسلمون إرهابيون لأن لديهم فائضا من التقوى والعدالة والضمير، والخليجيون إرهابيون لأن لديهم فائضا من البترول والمال وراحة البال، ولعله يعلن أن الصينيين إرهابيون لأن لديهم فائضا بشريا يريد أن يأكل، والمطالبون بحقهم كالفلسطينيين إرهابيون لأن لديهم فائضا من التمسك بالحق، ولأنهم كسروا القاعدة الأولى حين أسماهم «إرهابيون» فاحتجوا وواصلوا غيهم في النضال. سيظلون إرهابيين إلى أن يضيع حقهم ، يعترفون بأحقية المغتصب فيما اغتصب لينعموا بالسلام تحت مظلة النظام الجديد.
ربما أكون مصيبا في هذا الفهم، أو مخطئا، وفي هذه الحالة أحتاج من يشرح لي تصريحات شمعون بيرس الرئيس الإسرائيلي في مؤتمر «الاقتصاد الأخضر»: إن من يمول الإرهاب العالمي هو النفط: السعودية، وإيران والدول الأخرى. السعودية تحارب الإرهاب وفي الوقت نفسه تساعده، النفط يدمر الديمقراطية، إذ إن من لديه نفطاً لا يحتاج إلى الديمقراطية. وفي روسيا على سبيل المثال، كلما ارتفع سعر النفط كلما زادت شعبية الرئيس..!!
في عصر جديد كعصرنا – عصر السيليكون - أنجز الإنسان ما كانت تعجز عن تخيله أشد العقول جموحا في الخيال باكتشاف السيليكون ( الرمل ) وتحويله إلى أشباه الموصلات ليقود إلى أقمار اصطناعية ربطت الأرض بالسماء ووجهت الصواريخ من القارة إلى القارة، وملأت الفضاء بمحطات التليفزيون، وسهلت الاتصالات وطورت أجهزت التجسس والتنصت والاعتداء على الخصوصيات وأجهزة الحاسب وأجهزة قيادة الطائرات التي ألغت الطيار الإنسان وحولته إلى دمية أمام المقود، وأجهزة التحكم التي ألحقت بكل آلة أو ماكينة أو نشاط، من التحكم الآلي في الطباعة إلى الإنتاج إلى المفاعل النووية .. كلها – وغيرها بالآلاف - بلا شك قد استهدفت راحة الإنسان ورفاهيته.. أو هكذا يبدو الأمر.
في عصرنا الجديد قاربنا أن نمسك بحلم «اليوتوبيا»، وانما لكي لا تسود الفوضى وسوء استخدام هذه الأدوات لابد من « نظام عالمي جديد» يحدد القواعد والأصول لكل المستفيدين من تكنولوجيا العصر، نظام يرى أن «الديموقراطية» المساوية بين الناس جميعا هي الضمان الوحيد لصيانة منجزات العصر، وطبيعي في ظل هذا النظام أن يكون هناك «الراعي» الساهر، و«المرعي» النازع غالبا إلى كسر القاعدة.
هذه أطروحة معقولة جدا إلى هذا الحد، لولا أن الذي نصب نفسه راعيا للعالم لا يعرف التعامل إلا بمنطق الذئب والحمل، وعلى خطاه تمضي حاشيته ومريدوه، لا يتوقف لحظة عن حك رأسه بحثا عن ادعاء كاذب يدين به حملا مرعيا ليس له ذنب إلا أنه أراد أن يشرب.
يرى الراعي مثلا أن العراق مخزون بترولي هائل لا بد من الاستيلاء عليه، يحك رأسه بحثا عن الذريعة، لتكن أسلحة الدمار الشامل، وعند التجربة تبين أن أسلحة الدمار الشامل لدى العراق لم تسقط طائرة واحدة، وأن أسلحة الراعي أبسطها يلحق دماراً شاملاً للإنسان والأرض فلا تعود الذريعة مقنعة، ومن ثم يلجأ لذريعة أخرى: الحكم في العراق ديكتاتوري ونحن رعاة الديموقراطية، أعدم الدكتاتور ولم يرحل الراعي، ومن ثم يبحث عن ذريعة ثالثة فيجدها في حركات المقاومة، انهم إرهابيين أعداء للديموقراطية، فيملأ السجون والمعتقلات والمقابر وباطن الرمال وقارعة الطريق من ضحايا جاء الراعي أصلا ليبشرهم بالديموقراطية فماتوا قبل أن يشهدوها.
ربما نكون قد أخطأنا في فهم مصطلح الديموقراطية فأخذناه بحرفيته المعجمية، بينما قصد بها النظام الجديد المساواة في خدمة مصالح الراعي، فالذريعة المعدة سلفا ودائما لدى الراعي – وذيوله - أن الفائض جريمة لأنه ضد الديموقراطية، وبالتالي المسلمون إرهابيون لأن لديهم فائضا من التقوى والعدالة والضمير، والخليجيون إرهابيون لأن لديهم فائضا من البترول والمال وراحة البال، ولعله يعلن أن الصينيين إرهابيون لأن لديهم فائضا بشريا يريد أن يأكل، والمطالبون بحقهم كالفلسطينيين إرهابيون لأن لديهم فائضا من التمسك بالحق، ولأنهم كسروا القاعدة الأولى حين أسماهم «إرهابيون» فاحتجوا وواصلوا غيهم في النضال. سيظلون إرهابيين إلى أن يضيع حقهم ، يعترفون بأحقية المغتصب فيما اغتصب لينعموا بالسلام تحت مظلة النظام الجديد.
ربما أكون مصيبا في هذا الفهم، أو مخطئا، وفي هذه الحالة أحتاج من يشرح لي تصريحات شمعون بيرس الرئيس الإسرائيلي في مؤتمر «الاقتصاد الأخضر»: إن من يمول الإرهاب العالمي هو النفط: السعودية، وإيران والدول الأخرى. السعودية تحارب الإرهاب وفي الوقت نفسه تساعده، النفط يدمر الديمقراطية، إذ إن من لديه نفطاً لا يحتاج إلى الديمقراطية. وفي روسيا على سبيل المثال، كلما ارتفع سعر النفط كلما زادت شعبية الرئيس..!!